12 - 05 - 2025

محاولة للفهم| موقع الدستور من التحديات

محاولة للفهم| موقع الدستور من التحديات

سعدت سعادة بالغة، بالرد المهذب من الاستاذ المحترم مختار نوح؛ بل كاد الرد يساعدنى على الاستشفاء، رغم إنتقاد البعض المرير لما جاء فى الرد. سعدت لأن الحوار يجب أن يكون راقيا ومهذبا، بدلا من الصراع الدائر بالكلمة وغيرها، وهو من أسوأ أنواع الحوار، ولا يصل بنا إلى نتيجة ولا بالوطن. وكم من كلمة أشعلت حروبا وكراهية وعداوات وأدت إلى سجون ومعتقلات وانتهاكات لحقوق الانسان. الخروج من الصراع إلى الحوار الهادئ مكسب عظيم وفائدة كبيرة. وشكرى للمشهد للمتابعة.

أحب أن أؤكد للأستاذ مختار، مجموعة من الحقائق، رغم أنه بالضرورة ، يعرفها أو يعرف معظمها، ولكن من باب الذكرى لنا جميعا.

أولا: عندما ذكرت المشاهد العشرة، فقد كان هذا أيضا من باب التذكرة لمن بيدهم الأمر، وتذكرة بالأولويات التى أتمنى أن تكون واضحة للشعب وليس فقط فى ذهن أو عقل الحاكم أيا كان الحاكم (مدنيا أو عسكريا أو إسلاميا أو علمانيا أو إشتراكيا كان أو شيوعيا، مسلما كان أو مسيحيا، رجلا كان أو إمرأة) ومقالاتى السابقة ولقاءاتى التلفازية من داخل مصر وخارجها، تؤكد ذلك حتى من أيام مبارك ومن قبله.

ثانيا : أن الانجازات العظيمة تكتب لمن أنجزها وجزاه الله تعالى خيراً، والشعوب تنتخب الرؤساء والحكام والادارات ليقوموا بإنجازات، وليس لكى يقوموا بإخفاقات، وكذلك تكتب الدساتير حتى تحترم – ولا تقدس- ويعمل الناس فى ظلها لتحقيق استراتيجيات وخطط تفصيلية وبرامج عملية. ويكون تطويرها أو تعديلها تحسينا وليس  تكريسا.

ثالثا: أنا لم أقف أمام النصف الفارغ من الكوب، وأرجوك يامولانا، ألا تقف أمام النصف المليء فقط، وعلينا سويا أن ننظر إلى الكوب كاملا، فنملأ ما كان فيه من فراغ، ونصحح ما كان من عفن أو كدر فى النصف المليء، ولعل الرئيس السيسى يقوم بهذا اليوم قبل الغد. وليبدأ بالعاملين فى الادارة الذين إختارهم أو ورثهم.

رابعا: عندما تحدثت عن الهيمنة الأمريكية والصهيونية لم أتحدث فقط عن القواعد العسكرية، ولكننى ذكرت حتى المناورات المشتركة أو التدريب أو استيراد السلاح والأمة كلها للأسف، فى هذا العبث لا نستثنى أحدا، ولكن علينا السعى للخروج من هذا المآزق والتحدى.

خامسا: يا أستاذ مختار، وأنت نعم الصديق، والحوار معكم جميل ومحترم ولصالح مصر مع التنوع والتعدد فى الآراء، أنا أحترم رأيك جيدا ولكننى أطلب منكم إحترام رأى الآخرين الذين يختلفون معك فى الرأى بعيدا عن الوصف بالخيانة ولا الارهاب أو العنف،  لأننا جميعا نعانى من ذلك. هناك من يرى أن " المشهد" لا يمكن أن تنشر هذا الحوار إلا بموافقة المخابرات المعنية. كل له رأيه.  أحترام الرأى المخالف خطوة أساسية على طريق التقدم. لا أنتم  ولا أنا نستطيع التحكم فى العقليات ولا الألسنة، ولكننا نسعى لكى يتحاور الناس (كل الناس) بالحسنى وحتى تعود الثقة المفقودة. 

سادسا: أعرف يقينا بأن الأزمة فى مصر والتحديات ليست مستحدثة ولا ترتبط  بعقد أو عقدين، وليس بسبب الادارة القائمة حاليا فى مصر؛ ولكن واجبنا جميعا أن نسعى للخروج من تلك الأزمات ولا نقوم بتوريثها للأجيال القادمة، وهناك دول خرجت من ذلك بالقيادة الحكيمة والادارة الرشيدة ( الحكم الرشيد) والرؤية الصحيحة للقائد أو الزعيم أو الرئيس، وما (مانديلا) وتجربته عنا ببعيد. وإسمح لى أن أقول أن الرجل الصالح يجب أن يحترم الشعب ورأيه وأن يحدث الناس برؤيته وجها لوجه، ويكون التحاور والتلقى بما يفند الأمور بشكل صحيح، ومن أهم الاولويات، تحقيق أهداف الثورتين الأربعة ، وكان هذا مطلوبا ولا يزال حتى مع الاف المشروعات التى أنجزها السيسى. 

سابعا: أنت تعرف جيدا، ويعرف الشعب المصرى أننى وقفت وراء مصر وشعبها وثورتيها (يناير ويونيو) وعدت من لندن رغم الظروف الصحية الصعبة، وساعدت عندما طلبت منى المساعدة فى لجنة الخمسين طواعية ودون أجر. ثم المجلس القومى لحقوق الانسان (وتبرعت بالمكافأة من أول يوم لعلاج السرطان فى مصر، وتستطيع أن تسأل عن ذلك بالمجلس). نحن نحب مصر وليس لنا بها مأرب مادى أو شخصى، ونتمنى خروجها من كل التحديات والأزمات، وهذا ممكن وليس مستحيلا.وقد كتبت فى هذا من داخل مصر وأرجو أن تخرج مصر من التحديات والأزمات قريبا. بإذن الله تًعالى. 

ثامنا: تمنيت أن يظل السيسى زعيما، وأن يقود مصر إلى السلام والأمان والسلم المجتمعى، ولا نعود إلى النظام القديم. بعضهم يرى أننا أصبحنا أسوأ، حتى تمنى بعضهم أن نعود إلى أيام مبارك وهذا أهون – فى نظر البعض- من الوضع الحالى. التخطيط الحديث ليس بمعجزة، والزعامات والقيادات تقوم على برامج وشفافية ومحاسبة ومراجعات ، فأين نحن من كل ذلك؟.

تاسعا: ليتكم مولانا توضح لنا لماذا لجأنا إلى صندوق النقد الدولى؟ ومتى سنقوم بتسديد أصل الدين، إذا كنا نجد عنتا فى تسديد الفوائد المطلوبة على الدين، وإلى من سنلجأ فى المستقبل لمزيد من الاقتراض والسلف؟! أليست هذه أعباء وديون على الأجيال الجديدة؟ ياليتنا جميعا نعرف كيف سيتم تسديد الديون. وهل تكفى المدد المطلوب تمديدها دستوريا لذلك؟

عاشرا: على السيسى وأنا ممن لا يعادونه بل، وممن يدعون له  بالنجاح – رئيسا لمصر- أن ينظر فى الوعود التى سبق أن قطعها على نفسه، إذ أن كلام الرؤساء وعود وعهود. ومن ذلك، تصحيح الخطاب الدينى، والثورة الدينية المطلوبة، وفسح المجال أمام شباب مصر الذين لم يرتكبوا عنفاً ولا إرهابا للمشاركة فى بناء الوطن، شأنهم شأن غيرهم من الشباب، والسعى إلى بناء الانسان المصرى، وتوفير الحريات والأمن والسلام، والقضاء المستقل، والحفاظ على التراب الوطنى، واستقلال الوطن، والتركيز على العدو الحقيقى، وليس المتوهم.والانتصار على الارهاب فى مصر ذاتيا وليس بالاستعانة بآل صهيون الإرهابيين. وكل هذا ممكن، وليس بمستحيل، ولكنه يتطلب رؤية واضحة، وتخطيطا محكما وتنفيذا دقيقا، واستخدام أهل الكفاءة قبل أهل الثقة والنظام القديم وما أكثرهم فى مصر أو خارجها من أبنائها المحبين لها والراغبين فى خدمتها. ونحن فى الخدمة دائما أستاذنا الجليل وتحياتى والرجاء الدعاء لى بالشفاء حتى نراكم – فى أمن وسلام- فى القاهرة العامرة إن شاء الله تعالى) وللحديث صلة فى الدستور وغيره من تحديات والحلول المقترحة لها. 

وبالله التوفيق فى القول والعمل

مقالات اخرى للكاتب

محاولة للفهم| الدستور بين التهويل والتبعيض